باب من تصح شهادته (ومن لاتصح)
  تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}[سبأ: ١٣] وقال سبحانه: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ}[هود: ٤٠] وبعض من ينتسب إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين قد ترك شرائع الإسلام ورفضها، وبعض من ينتحل الإسلام خرج عن الإسلام بالاعتقادات الخبيثة التي بعضها يؤدي إلى الكفر وبعضها - وهو الأقل - يؤدي إلى الفسق، ولا ضرورة أكثر من هذا لانتشار كلمة الإسلام في الآفاق وكونهم لا يفزعون تديناً إلا إلى الشرع النبوي زاده الله جلالةً وعزاً، فلو منعنا من شهادة بعضهم لبعض لأدى إلى تلف الأموال واختلال الأحوال وهذه ضرورة لا يجهلها [أحد من](١) أهل المعرفة، وقد أجاز جل أهل العلم شهادة أهل الأهواء والمذاهب وبعض أقوالهم يؤدي إلى الكفر باتفاق.
  وقد ذكر أهل التحصيل من أهل(٢) العلم جواز قبول أخبار المخالفين في الاعتقادات، وروى عنهم المحقون بغير مناكرة في ذلك، والإخبار نوع من الشهادة ويجري مجراها في بعض الأحكام.
  فإن كانت هناك بلدة لا يوجد فيها العدل العدالة الشرعية كان حكمها حكم الضرورة وقبلت شهادة ثقاتهم ومن لا يعرف بالكذب والخيانة منهم؛ لأن الشهادة مرجعها إلى غالب الظن، وقد يغلب في ظننا صدق كثير من العصاة وتاركي الصلاة، ولا ينسب إلى كثير منهم الكذب ولا الخيانة في الشهادة وقد يخشى ذلك من كثير من المظهرين للدين(٣)، فكما(٤) أنه يرجع في الشهادة إلى غالب الظن يعتبر
(١) سقط من (ب).
(٢) سقط من (ب).
(٣) في (ب): الدين.
(٤) في (ب): وكما.