باب السيرة في أهل الفسق وأهل البغي وأحكامهم عند الظفر بهم
  تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}[الأعراف: ١٤٥] وليس باسم علم لأن لنا أن نغير اسم العلم واللغة بحالها، فنسمي زيداً بعمرو، وعمراً بزيد ولا يختل المعنى، كما سمينا دار الكفر لغلبة الكفر فيها كما كانت مكة قبل الفتح، وسمينا طيبة دار الإسلام لغلبة الإسلام فيها.
  وأما أموال الفساق فلها حكم بين الحكمين، كما أن لها اسماً بين الإسمين(١)، وهو أن الأموال موقوفة على رأي الإمام، إن شاء أباحها وإن شاء حظرها، كما فعل علي # في أموال أهل الجمل والنهر(٢) بالبصرة والنهروان، وكما فعل بمال المحتكر بالكوفة، فإنه قسم ماله نصفين، فحرق نصفه وأمر بنصفه إلى بيت المال، فقال: لو ترك عليّ مالي لربحت مثل عطاء أهل الكوفة.
  ومن احتج بقول صلى الله عليه: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، فإذا قالوها عصموا بها دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» لا اعتراض به علينا؛ لأنه لما قال ذلك وعصى الله أخذنا ماله عقوبة واحتجناه(٣) نكالاً؛ لأن الخبر إن حمل(٤) على عصمة اليقين(٥) والمال على كل وجهٍ انتقض عند الجميع؛ لأن المحارب يقتل وتقطع يده مع السلب، ويؤخذ مال صاحب الدين، ومن يشتري بماله السلاح والكراع للبغي إلى غير ذلك.
  وإن قال: على وجهٍ دون وجه كما ورد في الخبر الشريف.
(١) في (ب): اسمين.
(٢) زيادة في (ب).
(٣) في (ب): واجتحناه.
(٤) في (ب): جُعِلَ.
(٥) في (ب): النفس.