باب السيرة في أهل الفسق وأهل البغي وأحكامهم عند الظفر بهم
  ومنها أن خلافهم كان هفوة ولم يكن تهتكاً.
  ومنها أن لهم سوابق قد رعاها علي # فقال في قاتل الزبير: «بشروا قاتل ابن صفية بالنار»، وقال لما رأى سيفه: «طال والله ما كشف به الكرب عن وجه رسول الله»، وقال في طلحة قولاً جميلاً، ولما سئل عن الخوارج فقيل:(١) أكفار؟ قال: «من الكفر هربوا. قيل: أمؤمنون؟ قال: لو كانوا مؤمنين ما قاتلناهم. قيل: فما هم؟ قال: إخواننا بالأمس بغوا علينا فحاربناهم حتى يفيئوا إلى أمر الله»، فلم يبلغ حال متهتكي زماننا شربة الخمور، أرباب الفجور إلى أقل قليل من حال الصحابة، وقد قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِن انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}[البقرة: ١٩٣].
  والظالم عندنا على وجهين:
  ظالم لنفسه بالمعصية، وظالم للناس بالجبرية.
  ولا شك في معصية من تخلف عن الإمام وكثر سواد الجبارين، وعمر أرضهم، وسكن بلادهم، ونحن لا نشك في(٢) أن الضعفاء الذين لبسوهم الحرير، وركبوهم الذكور، وسقوهم الخمور، فأي عون أعظم من هذا، وإنما قلنا: تكون أموالهم غنيمة؛ لأنها أموال أخذت على وجه التنكيل على المعصية دليله الفيء.
  وقلنا تقسم؛ لأن هذا حكم الغنائم.
  فإن قيل: إن علياً # لم يعرض لما وراء عسكر أهل الجمل وأهل النهروان.
(١) زيادة في (ب).
(٢) سقط من (ب).