المهذب في فتاوي الإمام المنصور بالله،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

باب الجهاد والحث عليه

صفحة 482 - الجزء 1

  يقتضي⁣(⁣١) الوجوب ولا يسقطه⁣(⁣٢) إلا أن يكون الدين كله لله، ولا يسقطه أن يكون لك أولاد، فقد قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}⁣[التوبة: ٢٤].

  والمعلوم من المهاجرين أنهم لم يلتفتوا إلى الأهل والأولاد، بل هرب كثير منهم بنفوسهم إلى رسول الله ÷ مؤثرين للجهاد، وتركوا الأولاد والنساء، كقصة أبي سلمة وزوجته وما جرى عليها بعد خروجه للهجرة والجهاد، فالواجب أن يكل الأهل والأولاد إلى خالقهم وحكمته، فإنه تعالى يميته ويمرضه، وإنما نقول الواجب⁣(⁣٣) إن كان له مال وجب⁣(⁣٤) أن يترك لهم ما يعولهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإن لم يجد سقط عنه فرضهم، ولو كان عذراً لسقط فرض الجهاد عن الإمام؛ لأن حضوره مع أولاده أصلح لهم في دنياهم اللهم إلا أن يكونوا في مفازة من الأرض فإنه يوصلهم إلى الناس إن أمكنه، وإن كانت المحارم⁣(⁣٥) ممن تصلح للزواج عرضهن على الأكفاء، وقد ترك المسلمون أزواجهم مع المشركين وأقرهم رسول الله ÷ على ذلك، وخرج أبو بكر مع رسول الله ÷ وترك أباه شيخاً كبيراً أعمى، وترك أولاده، وأخذ المال معه، وكان من محاسن أعماله، ولا عذر حينئذٍ لمن يقول لا أجد ما أترك معهم، ولا


(١) في (ب): فيقتضي.

(٢) في (ب): فلا يسقطه.

(٣) سقط من (ب).

(٤) سقط من (ب).

(٥) في (ب): الحرم.