باب الهجرة والحث عليها
  إلى فعل الطاعات وترك المقبحات فالهجرة عنها واجبة(١) عليهم في وقت الإمام وغير وقته، ويفسق من لا يخرج، وإن كان ظاهره الصلاح (بالدين والعدل والتوحيد)(٢)، ومن احتج بقوله (#)(٣): «لا هجرة بعد الفتح» واعتقد نفي الهجرة عن المعاصي وإلى الإمام فهو من أجهل الجاهلين وأذهل الذاهلين، إنما كان من لم يهاجر إلى رسول الله ÷ وإن كان مسلماً انقطعت ولايته وتعينت عداوته، وقال تعالى: {مَا لَكُم مِنْ وَلايَتِهِم مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا}[الأنفال: ٧٢]، فلما فتحت مكة صارت جزيرة العرب كلها هجرة، وإلى أين يهاجر المهاجر والحكم واحد في شمول الإسلام (للجزيرة العربية)(٤) من آيلة إلى (حصن)(٥) أبي موسى إلى عمان إلى عدن إلى بحر الحبشة، فإلى أين يهاجر(٦) إلى الفرس أم إلى الروم، وكذلك في وقت الإمام متى ظهر أمره سقط حكم الهجرة؛ لأن تلك الأرض تصير كلها تحت أمره.
  وقلنا: تجب الهجرة وإن أظهروا العدل ونهوا من(٧) كثير من المناكير إذا كان لهم السيف والمنبر؛ لأن رسول الله ÷ هاجر من مكة وأمر أصحابه بالهجرة مع أنهم كان لهم بعض المنعة، وكانوا يتظاهرون بدين الإسلام، ويعلنون به، ويقاتلون، كما فعل حمزة بن عبد المطلب في رأس الكفر أبي جهل بن هشام وشجه الشجة العظيمة بالقوس في نادي بني مخزوم فما قدروا على التغيير،
(١) في (ب): واجب.
(٢) في (ب): بالدرس في العدل والتوحيد.
(٣) في (ب): صلى الله عليه.
(٤) في (ب): بجزيرة العربية.
(٥) في (ب): حفر.
(٦) في (ب): نهاجر.
(٧) في (ب): ونهوا عن.