الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة يونس

صفحة 362 - الجزء 2

  موسى للسحرة: ما جئتم به السحر، إنّ الله سيبطله {لِتَلْفِتَنا} لتصرفنا. واللفت والفتل: أخوان، ومطاوعهما الالتفات والانفتال {عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} يعنون عبادة الأصنام {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ} أى الملك، لأنّ الملوك موصوفون بالكبر. ولذلك قيل للملك: الجبار، ووصف بالصيد والشوس، ولذلك وصف ابن الرقيات مصعباً في قوله:

  مُلْكُهُ مُلْكُ رَأفَة لَيْسَ فِيهِ ... جَبَرُوتٌ مِنْهُ وَلَا كِبْرِيَاءُ

  ينفى ما عليه الملوك من ذلك. ويجوز أن يقصدوا ذمّهما وأنهما إن ملكا أرض مصر تجبرا وتكبرا، كما قال القبطي لموسى #: إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض {وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ} أى مصدّقين لكما فيما جئتما به. وقرئ: يطبع، ويكون لكما، بالياء.

  {وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ ٧٩ فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٨٠ فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ٨١ وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ٨٢}

  {ما جِئْتُمْ بِهِ} ما موصولة واقعة مبتدأ. و {السِّحْرُ} خبر، أى الذي جئتم به هو السحر