الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة المدثر

صفحة 644 - الجزء 4

  استئناف على تقدير السؤال عن وجه النسخ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} يعنى المفروضة والزكاة الواجبة وقيل: زكاة الفطر، لأنه لم يكن بمكة زكاة. وإنما وجبت بعد ذلك، ومن فسرها بالزكاة الواجبة جعل آخر السورة مدنيا {وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} يجوز أن يريد: سائر الصدقات وأن يريد: أداء الزكاة على أحسن وجه: من إخراج أطيب المال وأعوده على الفقراء، ومراعاة النية وابتغاء وجه الله، والصرف إلى المستحق، وأن يريد: كل شيء يفعل من الخيز مما يتعلق بالنفس والمال {خَيْراً} ثانى مفعولي وجد. وهو فصل. وجاز وإن لم يقع بين معرفتين، لأنّ أفعل من أشبه في امتناعه من حرف التعريف المعرفة. وقرأ أبو السمال: هو خير وأعظم أجرا، بالرفع على الابتداء والخبر: عن رسول الله ÷: «من قرأ سورة المزمّل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة».

سورة المدثر

  مكية، وهي ست وخمسون آية [نزلت بعد المزمل]

  

  {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١ قُمْ فَأَنْذِرْ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ٣ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ٤ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ٥}

  {الْمُدَّثِّرُ} لابس الدثار، وهو ما فوق الشعار: وهو الثوب الذي يلي الجسد. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «الأنصار شعار والناس دثار» وقيل: هي أوّل سورة نزلت. وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله ÷: «كنت على جبل حراء فنوديت: يا محمد، إنك رسول الله، فنظرت عن يمينى ويساري فلم أر شيأ، فنظرت فوقى فرأيت شيأ». وفي