الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الشورى

صفحة 208 - الجزء 4

سورة الشورى

  مكية [إلا الآيات ٢٣ و ٢٤ و ٢٥ و ٢٧ فمدنية]

  وآياتها ٥٣ [نزلت بعد سورة فصلت]

  

  {حم ١ عسق ٢ كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٣ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ٤}

  {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥}

  قرأ ابن عباس وابن مسعود ®: حم سق {كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ} أى مثل ذلك الوحى. أو مثل ذلك الوحى. أو مثل ذلك الكتاب يوحى إليك وإلى الرسل {مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} يعنى أن ما تضمنته هذه السورة من المعاني قد أوحى الله إليك مثله في غيرها من السور، وأوحاه من قبلك إلى رسله، على معنى: أن الله تعالى كرر هذه المعاني في القرآن في جميع الكتب السماوية، لما فيها من التنبيه البليغ واللطف العظيم لعباده من الأوّلين والآخرين، ولم يقل: أوحى إليك، ولكن على لفظ المضارع، ليدل على أن إيحاء مثله عادته. وقرئ: يوحى إليك، على البناء للمفعول. فإن قلت: فما رافع اسم الله على هذه القراءة؟ قلت: ما دلّ عليه يوحى، كأن قائلا قال: من الموحى؟ فقيل: الله، كقراءة السلمى: وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم على البناء للمفعول ورفع شركائهم، على معنى: زينه لهم شركاؤهم. فإن قلت: فما رافعه فيمن قرأ نوحى بالنون؟ قلت: يرتفع بالابتداء. والعزيز وما بعده: أخبار، أو العزيز الحكيم: صفتان، والظرف خبر. قرئ: تكاد، بالتاء والياء. وينفطرن، ويتفطرن. وروى يونس عن أبى عمرو قراءة غريبة: تتفطرن بتاءين مع النون، ونظيرها حرف نادر، روى في نوادر ابن الأعرابى: الإبل تشممن. ومعناه: يكدن ينفطرن من علو شأن الله وعظمته، يدل عليه مجيئه بعد العلى العظيم. وقيل: من دعائهم له ولدا، كقوله تعالى {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْه}.