الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الصف

صفحة 522 - الجزء 4

سورة الصف

  مدنية، وآياتها ١٤ [نزلت بعد التغابن]

  

  {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ٢ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ ٣ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ ٤}

  {لِمَ} هي لام الإضافة داخلة على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر في قولك: بم، وفيم، ومم، وعم، وإلام، وعلام. وإنما حذفت الألف، لأنّ ما والحرف كشيء واحد، ووقع استعمالهما كثيرا في كلام المستفهم، وقد جاء استعمال الأصل قليلا والوقف على زيادة هاء السكت أو الإسكان، ومن أسكن في الوصل فلإجرائه مجرى الوقف، كما سمع: ثلاثة، أربعة: بالهاء وإلقاء حركة الهمزة عليها محذوفة، وهذا الكلام يتناول الكذب وإخلاف الموعد. وروى أنّ المؤمنين قالوا قبل أن يؤمروا بالقتال: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا، فدلهم الله تعالى على الجهاد في سبيله، فولوا يوم أحد فعيرهم. وقيل: لما أخبر الله بثواب شهداء بدر قالوا: لئن لقينا قتالا لنفرغن فيه وسعنا، ففروا يوم أحد ولم يفوا. وقيل: كان الرجل يقول: قتلت ولم يقتل، وطعنت ولم يطعن، وضربت ولم يضرب، وصبرت ولم يصبر. وقيل: كان قد أذى المسلمين رجل ونكى فيهم، فقتله صهيب وانتحل قتله آخر، فقال عمر لصهيب: أخبر النبي # أنك قتلته، فقال: إنما قتله لله ولرسوله، فقال عمر: يا رسول الله قتله صهيب، قال: كذلك يا أبا يحيى؟ قال: نعم، فنزلت في المنتحل. وعن الحسن: نزلت في المنافقين. ونداؤهم بالإيمان: تهكم بهم