الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الرعد

صفحة 514 - الجزء 2

  العقوبة، بوزن السمرة. والمثلة لما بين العقاب والمعاقب عليه من المماثلة، {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} ويقال: أمثلت الرجل من صاحبه وأقصصته منه. والمثال: القصاص. وقرئ {الْمَثُلاتُ} بضمتين لإتباع الفاء العين. والمثلات، بفتح الميم وسكون الثاء، كما يقال: السمرة. والمثلات بضم الميم وسكون الثاء، تخفيف المثلات بضمتين. والمثلات جمع مثلة كركبة وركبات {لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ} أى مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب. ومحله الحال، بمعنى ظالمين لأنفسهم وفيه أوجه. أن يريد السيئات المكفرة لمجتنب الكبائر. أو الكبائر بشرط التوبة. أو يريد بالمغفرة الستر والإمهال. وروى أنها لما نزلت قال النبي عليه الصلاة والسلام «لو لا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد العيش، ولو لا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد»

  {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ٧}

  {لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول الله ÷ عناداً، فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى، من انقلاب العصاحية، وإحياء الموتى، فقيل لرسول الله ÷: إنما أنت رجل أرسالات منذراً ومخوّفاً لهم من سوء العاقبة، وناصحاً كغيرك من الرسل، وما عليك إلا الإتيان بما يصح به أنك رسول منذر، وصحة ذلك حاصلة بأية آية كانت، والآيات كلها سواء في حصول صحة الدعوة بها لا تفاوت بينها، والذي عنده كل شيء بمقدار يعطى كل نبى آية على حسب ما اقتضاه علمه بالمصالح وتقديره لها {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} من الأنبياء يهديهم إلى الدين، ويدعوهم إلى الله بوجه من الهداية، وبآية خص بها، ولم يجعل الأنبياء شرعاً واحداً في آيات مخصوصة. ووجه آخر: وهو أن يكون المعنى أنهم