الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الرعد

صفحة 518 - الجزء 2

  وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ ١٣}

  {خَوْفاً وَطَمَعاً} لا يصح أن يكونا مفعولا لهما لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف، أى: إرادة خوف وطمع. أو على معنى إخافة وإطماعاً. ويجوز أن يكونا منتصبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع. أو على: ذا خوف وذا طمع. أو من المخاطبين، أى: خائفين وطامعين. ومعنى الخوف والطمع: أنّ وقوع الصواعق يخاف عند لمع البرق، ويطمع في الغيث. قال أبو الطيب:

  فَتى كَالسَّحَابِ الْجُونِ تُخْشَى وَتُرْتَجَى ... يُرْجَى الْحَيَا مِنْهَا وَيُخْشَى الصَّوَاعِقُ

  وقيل: يخاف المطر من له فيه ضرر، كالمسافر، ومن له في جرينه التمر والزبيب، ومن له بيت يكف، ومن البلاد مالا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، ويطمع فيه من له فيه نفع، ويحيا به {السَّحابَ} اسم الجنس، والواحدة سحابة. و {الثِّقالَ} جمع ثقيلة، لأنك تقول سحابة ثقيلة، وسحاب ثقال، كما تقول: امرأة كريمة ونساء كرام، وهي الثقال بالماء {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له. أى يضجون بسبحان الله والحمد لله. وعن النبىّ ÷ أنه كان يقول «سبحان من يسبح الرعد بحمده» وعن على رضى الله عنه: سبحان من سبحت له. وإذا اشتدّ الرعد قال رسول الله ÷ «اللهمّ لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» وعن ابن عباس أنّ اليهود سألت النبي ÷ عن الرعد ما هو؟ فقال: «ملك من