سورة إبراهيم
  للشيء على غيره كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحبّ إليها وأفضل عندها من الآخر. وقرأ الحسن: ويصدّون، بضم الياء وكسر الصاد. يقال: صدّه عن كذا، وأصدّه. قال:
  أُنَاسٌ اصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمُ
  والهمزة فيه داخلة على صدّ صدوداً، لتنقله من غير التعدّى إلى التعدّى. وأما صدّه، فموضوع على التعدية كمنعه، وليست بفصيحة كأوقفه، لأنّ الفصحاء استغنوا بصدّه ووقفه عن تكلف التعدية بالهمزة {وَيَبْغُونَها عِوَجاً} ويطلبون لسبيل الله زيغاً واعوجاجاً، وأن يدلوا الناس على أنها سبيل ناكبة عن الحق غير مستوية، والأصل: ويبغون لها، فحذف الجار وأوصل الفعل {فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أى ضلوا عن طريق الحق، ووقفوا دونه بمراحل. فإن قلت: فما معنى وصف الضلال بالبعد. قلت: هو من الإسناد المجازى، والبعد في الحقيقة للضالّ، لأنه هو الذي يتباعد عن الطريق، فوصف به فعله، كما تقول: جدّ جدّه. ويجوز أن يراد: في ضلال ذى بعد. أو فيه بعد، لأنّ الضالّ قد يضلّ عن الطريق مكاناً قريباً وبعيداً.
  {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٤}
  {إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} أى ليفقهوا عنه ما يدعوهم إليه، فلا يكون لهم حجة على الله