الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النحل

صفحة 596 - الجزء 2

  له في طيه، وقد حمل على ما خلق في الجنة والنار، مما لم يبلغه وهم أحد، ولا خطر على قلبه.

  {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ ٩}

  المراد بالسبيل: الجنس، ولذلك أضاف إليها القصد وقال {وَمِنْها جائِرٌ}. والقصد مصدر بمعنى الفاعل وهو القاصد. يقال: سبيل قصد وقاصد، أى: مستقيم، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه. ومعنى قوله {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} أنّ هداية الطريق الموصل إلى الحق واجبة عليه، كقوله {إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى}. فإن قلت: لم غير أسلوب الكلام في قوله {وَمِنْها جائِرٌ}؟ قلت: ليعلم ما يجوز إضافته إليه من السبيلين وما لا يجوز، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقيل: وعلى الله قصد السبيل وعليه جائرها أو وعليه الجائر. وقرأ عبد الله: ومنكم جائر، يعنى: ومنكم جائر جار عن القصد بسوء اختياره، والله بريء منه {وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ} قسراً وإلجاء.

  {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ١٠