الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النحل

صفحة 604 - الجزء 2

  العذاب المستأصل، أو القيامة {كَذلِكَ} أى مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب {فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ} بتدميرهم {وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} لأنهم فعلوا ما استوجبوا به التدمير {سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا} جزاء سيئات أعمالهم. أو هو كقوله {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}

  {وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ٣٥}

  هذا من جملة ما عدّد من أصناف كفرهم وعنادهم، من شركهم بالله وإنكار وحدانيته بعد قيام الحجج وإنكار البعث واستعجاله، استهزاء منهم به وتكذيبهم الرسول، وشقاقهم، واستكبارهم عن قبول الحق، يعنى: أنهم أشركوا بالله وحرّموا ما أحل الله، من البحيرة والسائبة وغيرهما، ثم نسبوا فعلهم إلى الله وقالوا: لو شاء لم نفعل، وهذا مذهب المجبرة بعينه {كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أى أشركوا وحرموا حلال الله، فلما نبهوا على قبح فعلهم