الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة النحل

صفحة 613 - الجزء 2

  على هوان وذل {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ} أم يئده. وقرئ: أيمسكها على هون أم يدسها، على التأنيث. وقرئ: على هوان {أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} حيث يجعلون الولد الذي هذا محله عندهم لله، ويجعلون لأنفسهم من هو على عكس هذا الوصف.

  {لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٦٠}

  {مَثَلُ السَّوْءِ} صفة السوء: وهي الحاجة إلى الأولاد الذكور وكراهة الإناث ووأدهن خشية الإملاق، وإقرارهم على أنفسهم بالشح البالغ {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى} وهو الغنى عن العالمين، والنزاهة عن صفات المخلوقين وهو الجواد الكريم.

  {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ٦١}

  {بِظُلْمِهِمْ} بكفرهم ومعاصيهم {ما تَرَكَ عَلَيْها} أى على الأرض {مِنْ دَابَّةٍ} قط ولأهلكها كلها بشؤم ظلم الظالمين. وعن أبى هريرة: أنه سمع رجلا يقول: إن الظالم لا يضرّ إلا نفسه، فقال: بلى والله، حتى أنّ الحبارى لتموت في وكرها بظلم الظالم. وعن ابن مسعود: كاد الجعل يهلك في جحره بذنب ابن آدم. أو من دابة ظالمة. وعن ابن عباس {مِنْ دَابَّةٍ} من مشرك يدب عليها. وقيل: لو أهلك الآباء بكفرهم لم تكن الأبناء.

  {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ ٦٢}

  {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ} لأنفسهم من البنات ومن شركاء في رياستهم، ومن الاستخفاف برسلهم