سورة النحل
  يَسْمَعُونَ} سماع إنصاف وتدبر، لأنّ من لم يسمع بقلبه، فكأنه أصم لا يسمع.
  {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ ٦٦}
  ذكر سيبويه الأنعام في باب مالا ينصرف في الأسماء المفردة الواردة على أفعال، كقولهم: ثوب أكياش، ولذلك رجع الضمير إليه مفرداً. وأمّا {فِي بُطُونِها} في سورة المؤمنين، فلأنّ معناه الجمع. ويجوز أن يقال في الأنعام وجهان، أحدهما: أن يكون تكثير نعم كأجبال في جبل، وأن يكون اسماً مفرداً مقتضياً لمعنى الجمع كنعم، فإذا ذكر فكما يذكر «نعم» في قوله:
  فِى كُلِّ عَامٍ نَعَمٌ تَحْوُونَه ... يُلْقِحُهُ قَوْمٌ وَتَنْتِجُونَهْ
  وإذا أنث ففيه وجهان: أنه تكسير نعم. وأنه في معنى الجمع. وقرئ {نُسْقِيكُمْ} بالفتح والضم، وهو استئناف، كأنه قيل: كيف العبرة، فقيل نسقيكم {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} أى يخلق الله اللبن وسيطاً بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله لا يبغى أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله. قيل: إذا أكلت البهيمة العلف فاستقرّ في كرشها طبخته، فكان أسفله فرثا، وأوسطه لبنا، وأعلاه دما. والكبد مسلطة على هذه الأصناف