سورة النحل
  مشبه حالا بحال وقصة بقصة {إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ} كنه ما تفعلون وعظمه، وهو معاقبكم عليه بما يوازيه في العظم، لأنّ العقاب على مقدار الإثم {وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} كنهه وكنه عقابه، فذاك هو الذي جرّكم إليه وجرأكم عليه، فهو تعليل للنهى عن الشرك. ويجوز أن يراد: فلا تضربوا لله الأمثال، إنّ الله يعلم كيف يضرب الأمثال، وأنتم لا تعلمون.
  {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ٧٥}
  ثم علمهم كيف تضرب فقال: مثلكم في إشراككم بالله الأوثان: مثل من سوّى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف، وبين حرّ مالك قد رزقه الله مالا فهو يتصرف فيه وينفق منه كيف شاء. فإن قلت: لم قال {مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ} وكل عبد مملوك، وغير قادر على التصرف؟ قلت: أما ذكر المملوك فليميز من الحرّ، لأن اسم العبد يقع عليهما جميعا، لأنهما من عباد الله. وأما {لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ} فليجعل غير مكاتب ولا مأذون له، لأنهما يقدران على التصرف.