سورة الإسراء
  به، وجاءوا بكتابهم فكتب: ﷽: هذا كتاب من محمد رسول الله لثقيف: لا يعشرون ولا يحشرون، فقالوا: ولا يجبون. فسكت رسول الله ÷ ثم قالوا للكاتب: اكتب: ولا يجبون، والكاتب ينظر إلى رسول الله، فقام عمر بن الخطاب ¥ فسل سيفه وقال: أسعرتم قلب نبينا يا معشر ثقيف أسعر الله قلوبكم نارا، فقالوا: لسنا نكلم إياك، إنما نكلم محمدا. فنزلت. وروى أنّ قريشا قالوا له: اجعل آية رحمة آية عذاب، وآية عذاب آية رحمة، حتى نؤمن بك. فنزلت {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} إن مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية. والمعنى: أن الشأن قاربوا أن يفتنوك أى يخدعوك فاتنين {عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ} من أوامرنا ونواهينا ووعدنا ووعيدنا {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا} لتقول علينا ما لم نقل، يعنى ما أرادوه عليه من تبديل الوعد وعيدا والوعيد وعدا، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزله عليه {وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ} أى ولو اتبعت مرادهم لاتخذوك {خَلِيلاً} ولكنت لهم وليا وخرجت من ولايتى {وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ} ولو لا تثبيتنا لك وعصمتنا {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ} لقاربت أن تميل إلى خدعهم ومكرهم، وهذا تهييج من الله له وفضل تثبيت، وفي ذلك لطف للمؤمنين {إِذاً} لو قاربت تركن اليهم أدنى ركنة {لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ} أي لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين. فإن قلت: كيف حقيقة هذا الكلام؟ قلت: أصله لأذقناك عذاب الحياة وعذاب الممات، لأن العذاب عذابان: عذاب في الممات وهو عذاب القبر، وعذاب في حياة الآخرة وهو عذاب النار. والضعف يوصف به، نحو قوله {فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} بمعنى مضاعفا، فكان أصل الكلام: لأذقناك عذابا ضعفا في الحياة، وعذابا ضعفا في الممات. ثم حذف الموصوف