سورة طه
  فكذب الآيات وأبى قبول الحق.
  {قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى ٥٧}
  يلوح من جيب قوله {أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ} أن فرائصه كانت ترعد خوفا مما جاء به موسى #، لعلمه وإيقانه أنه على الحق، وأن المحق لو أراد قود الجبال لانقادت وأن مثله لا يخذل ولا يقل ناصره، وأنه غالبه على ملكه لا محالة. وقوله {بِسِحْرِكَ} تعلل وتحير وإلا فكيف يخفى عليه أن ساحرا لا يقدر أن يخرج ملكا مثله من أرضه ويغلبه على ملكه بالسحر.
  {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً ٥٨ قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ٥٩ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى ٦٠}
  لا يخلو الموعد في قوله {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً} من أن يجعل زمانا أو مكانا أو مصدرا. فإن جعلته زمانا نظرا في أن قوله تعالى {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} مطابق له، لزمك شيئان أن تجعل الزمان مخلفا، وأن يعضل عليك ناصب مكانا: وإن جعلته مكانا لقوله تعالى {مَكاناً سُوىً} لزمك. أيضا أن توقع الإخلاف على المكان، وأن لا يطابق قوله {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ