سورة طه
  صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنصب، فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله. وقد تناول التسبيح في آناء الليل صلاة العتمة، وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار، إرادة الاختصاص، كما اختصت في قوله {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى} عند بعض المفسرين. فإن قلت: ما وجه قوله {وَأَطْرافَ النَّهارِ} على الجمع، وإنما هما طرفان كما قال {أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ}؟ قلت: الوجه أمن الإلباس، وفي التثنية زيادة بيان. ونظير مجيء الأمرين في الآيتين: مجيئهما في قوله:
  ظهراهما مثل ظهور الترسين
  وقرئ: وأطراف النهار، عطفا على آناء الليل، ولعل للمخاطب، أى: اذكر الله في هذه الأوقات، طمعا ورجاء أن تنال عند الله ما به ترضى نفسك ويسر قلبك. وقرئ: ترضى، أى يرضيك ربك.
  {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى ١٣١}
  {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} أى نظر عينيك، ومدّ النظر: تطويله، وأن لا يكاد يرده، استحسانا للمنظور إليه وإعجابا به، وتمنيا أن يكون له، كما فعل نظارة قارون حين قالوا {يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} حتى واجههم أو لو العلم والإيمان ب {وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ