سورة الأنبياء
  الوجه الأوّل. فإن قلت: بم تعلقت {حَتَّى} واقعة غاية له، وأية الثلاث هي؟ قلت: هي متعلقة بحرام، وهي غاية له لأنّ امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة، وهي {حَتَّى} التي يحكى بعدها الكلام، والكلام المحكىّ: الجملة من الشرط والجزاء، أعنى: «إذا» وما في حيزها. حذف المضاف إلى {يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} وهو سدّهما، كما حذف المضاف إلى القرية وهو أهلها. وقيل: فتحت كما قيل {أَهْلَكْناها} وقرئ: آجوج. وهما قبيلتان من جنس الإنس، يقال: الناس عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج {وَهُمْ} راجع إلى الناس المسوقين إلى المحشر وقيل: هم يأجوج ومأجوج يخرجون حين يفتح السدّ. الحدب: النشز من الأرض. وقرأ ابن عباس رضى الله عنه: من كل جدث، وهو القبر، الثاء: حجازية، والفاء: تميمية. وقرئ {يَنْسِلُونَ} بضم السين. ونسل وعسل: أسرع.
  {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ ٩٧}
  و {فَإِذا} هي إذا المفاجأة، وهي تقع في المجازاة سادّة مسدّ الفاء، كقوله تعالى {إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد. ولو قيل: إذا هي شاخصة. أو فهي شاخصة، كان سديدا {هِيَ} ضمير مبهم توضحه الأبصار وتفسره، كما فسر الذين ظلموا وأسروا {يا وَيْلَنا} متعلق بمحذوف تقديره: يقولون يا ويلنا. ويقولون: في موضع الحال من الذين كفروا.
  {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ ٩٨ لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ ٩٩ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ ١٠٠}
  {ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} يحتمل الأصنام وإبليس وأعوانه، لأنهم بطاعتهم لهم واتباعهم خطواتهم في حكم عبدتهم. ويصدّقه ما روى: أنّ رسول الله ÷ دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فجلس إليهم فعرض له النضر بن الحرث فكلمه رسول الله ÷ حتى أفحمه، ثم تلا عليهم {إِنَّكُمْ