سورة الأنبياء
  حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ ١٠٢ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ١٠٣}
  {الْحُسْنى} الخصلة المفضلة في الحسن تأنيث الأحسن: إمّا السعادة، وإما البشرى بالثواب وإما التوفيق للطاعة. يروى أنّ عليا ¥ قرأ هذه الآية ثم قال: أنا منهم، وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف، ثم أقيمت الصلاة فقام يجرّ رداءه وهو يقول {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها} والحسيس: الصوت يحس، والشهوة: طلب النفس اللذة. وقرئ {لا يَحْزُنُهُمُ} من أحزن. و {الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} قيل: النفخة الأخيرة، لقوله تعالى {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} وعن الحسن: الانصراف إلى النار.
  وعن الضحاك: حين يطبق على النار. وقيل: حين يذبح الموت على صورة كبش أملح، أى تستقبلهم {الْمَلائِكَةُ} مهنئين على أبواب الجنة. ويقولون: هذا وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم قد حلّ.
  {يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ١٠٤}
  العامل في {يَوْمَ نَطْوِي} لا يحزنهم. أو الفزع. أو تتلقاهم. وقرئ: تطوى السماء، على البناء للمفعول {السِّجِلِ} بوزن العتلّ والسجل بلفظ الدلو. وروى فيه الكسر: وهو الصحيفة، أى: كما يطوى الطومار للكتابة، أى: ليكتب فيه، أو: لما يكتب فيه، لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء، ثم يوقع على المكتوب، ومن جمع فمعناه: للمكتوبات، أى: لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة. وقيل {السِّجِلِ} ملك يطوى كتب بنى آدم إذا رفعت إليه. وقيل: كاتب كان لرسول الله ÷. والكتاب - على هذا - اسم الصحيفة المكتوب فيها {أَوَّلَ خَلْقٍ} مفعول نعيد الذي يفسره {نُعِيدُهُ} والكاف مكفوفة بما. والمعنى: نعيد أوّل الخلق كما بدأناه، تشبيها للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء، فإن قلت: وما أوّل الخلق حتى يعيده كما بدأه؟ قلت: أوّله إيجاده عن العدم، فكما أوجده أولا عن عدم، يعيده ثانيا عن عدم. فإن قلت: ما بال {خَلْقٍ}