سورة الأنبياء
  أحد منهم وكاشف كلهم، وقشر العصا عن لحائها. و {ما تُوعَدُونَ} من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار، وإن كنت لا أدرى متى يكون ذلك لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام، و {ما تَكْتُمُونَ} في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين، وهو يجازيكم عليه. وما أدرى لعلّ تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعملون. أو تمتيع لكم {إِلى حِينٍ} ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة.
  {قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ١١٢}
  قرئ قل و {قالَ}، على حكاية قول رسول الله ÷. و {رَبِّ احْكُمْ} على الاكتفاء بالكسرة. ورب احكم، على الضم. وربى أحكم، على أفعل التفضيل. وربى أحكم: من الإحكام، أمر باستعجال العذاب لقومه فعذبوا ببدر. ومعنى {بِالْحَقِ} لا تحابهم وشدد عليهم كما هو حقهم، كما قال «اشدد وطأتك على مضر» قرئ {تَصِفُونَ} بالتاء والياء. كانوا يصفون الحال على خلاف ما جرت عليه، وكانوا يطمعون أن تكون لهم الشوكة والغلبة، فكذب الله ظنونهم وخيب آمالهم، ونصر رسول الله ÷ والمؤمنين، وخذلهم.
  عن رسول الله ÷ «من قرأ اقترب للناس حسابهم حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه وسلم عليه كل نبىّ ذكر اسمه في القرآن».