سورة النور
  أى: تحسبونه صغيرة وهو عند الله كبيرة موجبة. وعن بعضهم أنه جزع عند الموت، فقيل له، فقال: أخاف ذنبا لم يكن منى على بال وهو عند الله عظيم. وفي كلام بعضهم: لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير، فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير. وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام وعلق مس العذاب العظيم بها، أحدها: تلقى الإفك بألسنتهم، وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له: ما وراءك؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع وانتشر؛ فلم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه. والثاني: التكلم مما لا علم لهم به. والثالث: استصغارهم لذلك و «وعظيمة من العظائم.
  {وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ ١٦}
  فإن قلت: كيف جاز الفصل بين لو لا وقلتم؟ قلت: للظروف شأن وهو تنزلها من الأشياء منزلة أنفسها لوقوعها فيها وأنها لا تنفك عنها، فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها. فإن قلت: فأىّ فائدة في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلا؟ قلت: الفائدة فيه بيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أوّل ما سمعوا بالإفك عن التكلم به، فلما كان ذكر الوقت أهمّ وجب التقديم. فإن قلت: فما معنى يكون، والكلام بدونه متلئب لو قيل ما لنا أن نتكلم بهذا؟ قلت: معناه معنى: ينبغي، ويصح أى: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا. وما يصح لنا. ونحوه: ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق. و {سُبْحانَكَ} للتعجب من عظم الأمر. فإن قلت: ما معنى التعجب في كلمة التسبيح؟ قلت: الأصل في ذلك أن يسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه أو لتنزيه الله تعالى من أن تكون حرمة نبيه # فاجرة. فإن قلت: كيف جاز أن تكون امرأة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط، ولم يجز أن تكون فاجرة؟ قلت: لأنّ الأنبياء مبعوثون إلى الكفار ليدعوهم ويستعطفوهم،