الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 316 - الجزء 3

  مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ٦٢ فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ٦٣ وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ ٦٤ وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ٦٥ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ ٦٦ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ٦٧ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ٦٨}

  {سَيَهْدِينِ} طريق النجاة من إدراكهم وإضرارهم. وقرئ، فلما تراءت الفئتان. إنا لمدّركون: بتشديد الدال وكسر الراء، من ادّرك الشيء إذا تتابع ففنى. ومنه قوله تعالى {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} قال الحسن: جهلوا علم الاخرة. وفي معناه بيت الحماسة:

  أبعد بنى أمّى الّذين تتابعوا ... أرجّى الحياة أم من الموت أجزع

  والمعنى: إنا لمتتابعون في الهلاك على أيديهم، حتى لا يبقى منا أحد. الفرق: الجزء المتفرّق منه. وقرئ: كل فلق. والمعنى واحد. والطود: الجبل العظيم المنطاد في السماء {وَأَزْلَفْنا ثَمَ} حيث انفلق البحر {الْآخَرِينَ} قوم فرعون، أى: قربناهم من بنى إسرائيل: أو أدنينا بعضهم من بعض، وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد، أو قدمناهم إلى البحر. وقرئ: وأزلقنا، بالقاف، أى: أزللنا أقدامهم. والمعنى: أذهبنا عزهم، كقوله:

  تداركتما عبسا وقد ثلّ عرشها ... وذبيان إذ زلّت بأقدامها النّعل