الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الشعراء

صفحة 345 - الجزء 3

  وما لا بأس به من المعاني التي لا يتلطخون فيها بذنب ولا يتلبسون بشائنة ولا منقصة، وكان هجاؤهم على سبيل الانتصار ممن يهجوهم. قال الله تعالى {لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وذلك من غير اعتداء ولا زيادة على ما هو جواب لقوله تعالى {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} وعن عمرو بن عبيد: أن رجلا من العلوية قال له: إن صدري ليجيش بالشعر، فقال: فما يمنعك منه فيما لا بأس به؟ والقول فيه: أن الشعر باب من الكلام، فحسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام. وقيل: المراد بالمستثنين: عبد الله بن رواحة، وحسان ابن ثابت، والكعبان: كعب بن مالك، وكعب بن زهير، والذين كانوا ينافحون عن رسول الله ÷ ويكافحون هجاة قريش. وعن كعب بن مالك أنّ النبي ÷ قال له: «اهجهم، فو الذي نفسي بيده لهو أشدّ عليهم من النبل» وكان يقول لحسان: «قل وروح القدس معك». ختم السورة بآية ناطقة بما لا شيء أهيب منه وأهول، ولا أنكى لقلوب المتأمّلين ولا أصدع لأكباد المتدبرين، وذلك قوله {وَسَيَعْلَمُ} وما فيه من الوعيد البليغ، وقوله {الَّذِينَ ظَلَمُوا} وإطلاقه. وقوله {أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} وإبهامه، وقد تلاها أبو بكر لعمر ® حين عهد إليه: وكان السلف الصالح يتواعظون بها ويتناذرون شدّتها. وتفسير الظلم بالكفر تعليل، ولأن تخاف فتبلغ الأمن: خير من أن تأمن فتبلغ الخوف. وقرأ ابن عباس: أى منفلت ينفلتون. ومعناها: إن الذين ظلموا يطمعون أن ينفلتوا من عذاب