سورة القصص
  قليلا {وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ} لتلك المساكن من ساكنيها، أى: تركناها على حال لا يكنها أحد، أو خرّبناها وسوّيناها بالأرض.
  تتخلّف الآثار عن أصحابها ... حينا ويدركها الفناء فتتبع
  {وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ ٥٩}
  وما كانت عادة ربك أن يهلك القرى في كل وقت {حَتَّى يَبْعَثَ فِي} القرية التي هي أمّها، أى: أصلها وقصبتها التي هي أعمالها وتوابعها {رَسُولاً} لإلزام الحجة وقطع المعذرة، مع علمه أنهم لا يؤمنون، أو وما كان في حكم الله وسابق قضائه أن يهلك القرى في الأرض حتى يبعث في أم القرى - يعنى مكة - رسولا وهو محمد ÷ خاتم الأنبياء. وقرئ: أمها، بضم الهمزة وكسرها لاتباع الجرّ، وهذا بيان لعدله وتقدسه عن الظلم، حيث أخبر بأنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الهلاك بظلمهم، ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم، ونزه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين، كما قال تعالى {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ} فنصّ في قوله {بِظُلْمٍ} أنه لو أهلكهم وهم مصلحون لكان ذلك ظلما منه، وأنّ حاله في غناه وحكمته منافية للظلم، دلّ على ذلك بحرف النفي مع لامه، كما قال الله تعالى {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ}.