الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة القصص

صفحة 428 - الجزء 3

  الخيرة، فحذف «فيه» كما حذف «منه» في قوله {إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لأنه مفهوم {سُبْحانَ اللهِ} أى الله بريء من إشراكهم وما يحملهم عليه من الجرأة على الله واختيارهم عليه ما لا يختار.

  {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ ٦٩ وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٧٠}

  {ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} من عداوة رسول الله وحسده {وَما يُعْلِنُونَ} من مطاعنهم فيه. وقولهم: هلا اختير عليه غيره في النبوّة {وَهُوَ اللهُ} وهو المستأثر بالإلهية المختص بها، و {لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} تقرير لذلك، كقولك: الكعبة القبلة، لا قبلة إلا هي. فإن قلت: الحمد في الدنيا ظاهر فما الحمد في الآخرة؟ قلت: هو قولهم {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} والتحميد هناك على وجه اللذة لا الكلفة. وفي الحديث: يلهمون التسبيح والتقديس {وَلَهُ الْحُكْمُ} القضاء بين عباده.

  {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ٧١ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ ٧٢ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٣}

  {أَرَأَيْتُمْ} وقرئ أريتم: بحذف الهمزة، وليس بحذف قياسي. ومعناه: أخبرونى من يقدر على هذا؟ والسرمد: الدائم المتصل، من السرد وهو المتابعة. ومنه قولهم في الأشهر الحرم: ثلاثة سرد، وواحد فرد، والميم مزيدة. ووزنه فعمل. ونظيره. دلامص، من الدلاص. فإن قلت: هلا قيل: بنهار تتصرفون فيه، كما قيل: {بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ}؟ قلت ذكر الضياء وهو ضوء