سورة لقمان
  ألف سنة، وأدرك داود # وأخذ منه العلم، وكان يفتي قبل مبعث داود #، فلما بعث قطع الفتوى، فقيل له؟ فقال: ألا أكتفى إذا كفيت؟ وقيل: كان قاضيا في بنى إسرائيل، وأكثر الأقاويل أنه كان حكيما ولم يكن نبيا، وعن ابن عباس ®: لقمان لم يكن نبيا ولا ملكا. ولكن كان راعيا أسود، فرزقه الله العتق، ورضى قوله ووصيته، فقص أمره في القرآن لتمسكوا بوصيته. وقال عكرمة والشعبي: كان نبيا. وقيل: خير بين النبوّة والحكمة فاختار الحكمة. وعن ابن المسيب: كان أسود من سودان مصر خياطا، وعن مجاهد: كان عبدا أسود غليظ الشفتين متشفق القدمين. وقيل: كان نجارا. وقيل: كان راعيا وقيل: كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة. وعنه أنه قال لرجل ينظر إليه: إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق، وإن كنت تراني أسود فقلبي أبيض. وروى أن رجلا وقف عليه في مجلسه فقال: ألست الذي ترعى معى في مكان كذا؟ قال: بلى. قال ما بلغ بك ما أرى؟ قال: صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني. وروى أنه دخل على داود # وهو يسرد الدرع وقد لين الله له الحديد كالطين، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتمها لبسها وقال: نعم لبوس الحرب أنت. فقال: الصمت حكمة وقليل فاعله، فقال له داود: بحق ما سميت حكيما. وروى أن مولاه أمره بذبح شاة وبأن يخرج منها أطيب مضغتين، فأخرج اللسان والقلب، ثم أمره بمثل ذلك بعد أيام وأن يخرج أخبث مضغتين فأخرج اللسان والقلب، فسأله عن ذلك؟ فقال: هما أطيب ما فيها إذا طابا، وأخبث ما فيها إذا خبثا. وعن سعيد بن المسيب أنه قال لأسود: لا تحزن، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان: بلال، ومهجع مولى عمر، ولقمان. {أَنِ} هي المفسرة، لأنّ إيتاء الحكمة في معنى القول، وقد نبه الله سبحانه على أنّ الحكمة الأصلية والعلم الحقيقي: هو العمل بهما وعبادة الله والشكر له، حيث فسر إيتاء الحكمة بالبعث على الشكر {غَنِيٌ} غير محتاج إلى الشكر {حَمِيدٌ} حقيق بأن يحمد وإن لم يحمده أحد.
  {وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ١٣}
  قيل: كان اسم ابنه «أنعم» وقال الكلبي: «أشكم» وقيل: كان ابنه وامرأته كافرين، فما زال