الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأحزاب

صفحة 523 - الجزء 3

  يثبت النسب، ولكنه يعتق عند أبى حنيفة ¦، وعند صاحبيه لا يعتق. وأما المعروف النسب فلا يثبت نسبه بالتبني وإن كان عبدا عتق {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} لعفوه عن الخطأ وعن العمد إذا تاب العامد.

  {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً ٦}

  {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ} في كل شيء من أمور الدين والدنيا {مِنْ أَنْفُسِهِمْ} ولهدا أطلق ولم يقيد، فيجب عليهم أن يكون أحبّ إليهم من أنفسهم، وحكمه أنفذ عليهم من حكمها، وحقه آثر لديهم من حقوقها، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها، وأن يبدلوها دونه ويجعلوها فداءه إذا أعضل خطب، ووقاءه إذا لقحت حرب، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ولا ما تصرفهم عنه، ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله ÷ وصرفهم عنه، لأنّ كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين وما صرفهم عنه، فأخذ بحجزهم لئلا يتهافتوا فيما يرمى بهم إلى الشقاوة وعذاب النار. أو هو أولى بهم، على معنى أنه أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم، كقوله تعالى {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} وعن النبي ÷ «ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤا إن شئتم {النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأيما مؤمن هلك وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينا أو ضياعا فإلىّ» وفي قراءة ابن مسعود: النبىّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو أب لهم. وقال مجاهد: كل نبىّ فهو أبو أمّته. ولذلك صار المؤمنون إخوة؛ لأنّ النبي ÷ أبوهم في الدين {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} تشبيه لهنّ بالأمهات في بعض الأحكام، وهو وجوب تعظيمهنّ واحترامهن، وتحريم نكاحهن: قال الله تعالى {وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً} وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات، ولذلك قالت عائشة ^: لسنا أمهات النساء. تعنى أنهنّ إنما كنّ أمّهات الرجال، لكونهنّ