الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الأحزاب

صفحة 555 - الجزء 3

  ليخرجوا، فانطلق إلى حجرة عائشة ^ فقال: السلام عليكم أهل البيت فقالوا: عليك السلام يا رسول الله، كيف وجدت أهلك؟ وطاف بالحجرات فسلم عليهن ودعون له، ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون، وكان رسول الله ÷ شديد الحياء، فتولى، فلما رأوه متوليا خرجوا، فرجع ونزلت: {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به. أو عن أن يستأنسوا حديث أهل البيت. واستئناسه: تسمعه وتوجسه، وهو مجرور معطوف على ناظرين. وقيل: هو منصوب على: ولا تدخلوها مستأنسين. لا بد في قوله {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} من تقدير المضاف، أى: من إخراجكم، بدليل قوله {وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ} يعنى أن إخراجكم حتى ما ينبغي أن يستحيا منه. ولما كان الحياء مما يمنع الحيي من بعض الأفعال، قيل {لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ} بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم، وهذا أدب أدّب الله به الثقلاء. وعن عائشة ^: حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال: فإذا طعمتم فانتشروا. وقرئ: لا يستحى، بياء واحدة. الضمير في {سَأَلْتُمُوهُنَ} لنساء النبي ÷، ولم يذكرن لأنّ الحال ناطقة بذكرهن {مَتاعاً} حاجة {فَسْئَلُوهُنَ} المتاع. قيل: إن عمر ¥ كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة، وكان يذكره كثيرا، ويود أن ينزل فيه، وكان يقول: لو أطاع فيكن ما رأتكن عين، وقال: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت. وروى أنه مر عليهن وهن مع النساء في المسجد فقال: لئن احتجبتن، فإن لكن على النساء فضلا، كما أن لزوجكن على الرجال الفضل، فقالت زينب ^: يا ابن الخطاب، إنك لتغار علينا والوحى ينزل في بيوتنا، فلم يلبثوا