سورة الملائكة
  أنفسكم». وعن كعب أنه قال لابن عباس ®: قرأت في التوراة: من حفر مغواة وقع فيها. قال: أنا وجدت ذلك في كتاب الله، وقرأ الآية. وفي أمثال العرب: من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا. وقرأ حمزة: ومكر السيئ، بإسكان الهمزة، وذلك لاستثقاله الحركات مع الياء والهمزة، ولعله اختلس فظنّ سكونا أو وقف وقفة خفيفة، ثم ابتدأ {وَلا يَحِيقُ} وقرأ ابن مسعود: ومكرا سيئا {سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ} إنزال العذاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم، وجعل استقبالهم لذلك انتظارا له منهم، وبين أنّ عادته التي هي الانتقام من مكذبي الرسل عادة لا يبدلها ولا يحولها، أى: لا يغيرها، وأنّ ذلك مفعول له لا محالة، واستشهد عليهم بما كانوا يشاهدونه في مسايرهم ومتاجرهم في رحلهم إلى الشام والعراق واليمن: من آثار الماضين وعلامات هلاكهم ودمارهم {لِيُعْجِزَهُ} ليسبقه ويفوته.
  {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً ٤٥}
  {بِما كَسَبُوا} بما اقترفوا من معاصيهم {عَلى ظَهْرِها} على ظهر الأرض {مِنْ دَابَّةٍ} من نسمة تدب عليها، يريد بنى آدم. وقيل: ما ترك بنى آدم وغيرهم من سائر الدواب بشؤم ذنوبهم. وعن ابن مسعود: كاد الجعل يعذب في جحره بذنب ابن آدم، ثم تلا هذه الآية. وعن أنس: إن الضب ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم. وقيل: يحبس المطر فيهلك كل شيء {إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} إلى يوم القيامة {كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً} وعيد بالجزاء.
  عن رسول الله ÷: «من قرأ سورة الملائكة دعته ثمانية أبواب الجنة: أن أدخل من أى باب شئت»