الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة يس

صفحة 22 - الجزء 4

  على أنه حال والظرف مستقر {هُمْ} يحتمل أن يكون مبتدأ وأن يكون تأكيدا للضمير في {فِي شُغُلٍ} وفي {فاكِهُونَ} على أنّ أزواجهم يشاركنهم في ذلك الشغل والتفكه والاتكاء على الأرائك تحت الظلال. وقرئ: في ظلل، والأريكة: السرير في الحجلة. وقيل: الفراش فيها. وقرأ ابن مسعود: متكين {يَدَّعُونَ} يفتعلون من الدعاء، أى: يدعون به لأنفسهم، كقولك: اشتوى واجتمل، إذا شوى وجمل لنفسه. قال لبيد:

  فاشتوى ليلة ريح واجتمل

  ويجوز أن يكون بمعنى يتداعونه، كقولك: ارتموه، وتراموه. وقيل: يتمنون، من قولهم: ادّع علىّ ما شئت، بمعنى تمنه علىّ، وفلان في خير ما ادّعى، أى في خير ما تمنى. قال الزجاج: وهو من الدعاء، أى: ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم. و {سَلامٌ} بدل مما يدعون، كأنه قال لهم: سلام يقال لهم {قَوْلاً مِنْ} جهة {رَبٍّ رَحِيمٍ} والمعنى: أنّ الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة، أو بغير واسطة، مبالغة في تعظيمهم وذلك متمناهم، ولهم ذلك لا يمنعونه. قال ابن عباس: فالملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين. وقيل: {ما يَدَّعُونَ}، مبتدأ وخبره سلام، بمعنى: ولهم ما يدعون سالم خالص لا شوب فيه. و {قَوْلاً} مصدر مؤكد لقوله تعالى {وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ سَلامٌ} أى: عدة من رب رحيم. والأوجه: أن ينتصب على الاختصاص، وهو من مجازه. وقرئ: سلم، وهو بمعنى السلام في المعنيين. وعن ابن مسعود: سلاما نصب على الحال، أى لهم مرادهم خالصا.

  {وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ٥٩}

  {وَامْتازُوا} وانفردوا عن المؤمنين، وكونوا على حدة، وذلك حين يحشر المؤمنون ويسار بهم إلى الجنة. ونحوه قوله تعالى {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا