سورة يس
  توبيخا لهم على العدول عنه، والتفادى عن سلوكه، كما يتفادى الناس عن الطريق المعوج الذي يؤدى إلى الضلالة والتهلكة، كأنه قيل: أقل أحوال الطريق الذي هو أقوم الطرق: أن يعتقد فيه كما يعتقد في الطريق الذي لا يضل السالك، كما بقول الرجل لولده وقد نصحه النصح البالغ الذي ليس بعده: هذا فيما أظنّ قول نافع غير ضار، توبيخا له على الإعراض عن نصائحه.
  {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ٦٢ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٦٣ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ٦٤}
  قرئ: جبلا، بضمتين، وضمة وسكون، وضمتين وتشديدة، وكسرتين، وكسرة وسكون، وكسرتين وتشديدة. وهذه اللغات في معنى الخلق. وقرئ: جبلا، جمع جبلة، كفطر وخلق. وفي قراءة على رضى الله عنه: جيلا واحدا، لا أجيال.
  {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ٦٥ وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ٦٦}
  يروى أنهم يجحدون ويخاصمون، فتشهد عليهم جيرانهم وأهاليهم وعشائرهم، فيحلفون ما كانوا مشركين، فحينئذ يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وأرجلهم. وفي الحديث: «يقول العبد يوم القيامة: إنى لا أجيز علىّ شاهدا إلا من نفسي، فيختم على فيه، ويقال لأركانه: انطقى فتنطق بأعماله، ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعدا لكنّ وسحقا. فعنكن كنت أناضل» وقرئ: يختم على أفواههم، وتتكلم أيديهم. وقرئ: ولتكلمنا أيديهم وتشهد، بلام كى والنصب على معنى: ولذلك تختم على أفواههم: وقرئ: ولتكلمنا أيديهم ولتشهد، بلام الأمر والجزم على أنّ الله يأمر الأعضاء بالكلام والشهادة.
  {وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ ٦٧}
  الطمس: تعفية شق العين حتى تعود ممسوحة {فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ} لا يخلو من أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل. والأصل: فاستبقوا إلى الصراط. أو يضمن معنى ابتدروا.