الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة يس

صفحة 32 - الجزء 4

  إذا فعلت شيئا مما تقدر عليه، من المباشرة بمحال القدرة، واستعمال الآلات، وما يتبع ذلك من المشقة والتعب واللغوب إنما أمره وهو القادر العالم لذاته أن يخلص داعيه إلى الفعل، فيتكون فمثله كيف يعجز عن مقدور حتى يعجز عن الإعادة؟ {فَسُبْحانَ} تنزيه له مما وصفه به المشركون، وتعجيب من أن يقولوا فيه ما قالوا {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} هو مالك كل شيء والمتصرف فيه بمواجب مشيئته وقضايا حكمته. وقرئ: ملكة كل شيء. وملك كل شيء. والمعنى واحد {تُرْجَعُونَ} بضم التاء وفتحها. وعن ابن عباس ®: كنت لا أعلم ما روى في فضائل يس وقراءتها كيف خصت، بذلك، فإذا أنه لهذه الآية.

  قال رسول الله ÷: «إن لكل شيء قلبا، وإن قلب القرآن يس، من قرأ يس يريد بها وجه الله، غفر الله تعالى له، وأعطى من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة، وأيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يحييه رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة يشربها وهو على فراشه، فيقبض ملك الموت روحه وهو ريان، ويمكث في قبره وهو ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان. وقال عليه الصلاة والسلام «إن في القرآن سورة يشفع قارئها ويغفر لمستمعها. ألا وهي سورة يس».