الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة ص

صفحة 71 - الجزء 4

  لذكر لك ولقومك. أو الذكرى والموعظة، أو ذكر ما يحتاج إليه في الدين من الشرائع وغيرها، كأقاصيص الأنبياء والوعد والوعيد. والتنكير في {عِزَّةٍ وَشِقاقٍ} للدّلالة على شدّتهما وتفاقمهما. وقرئ: في غرّة، أى: في غفلة عما يجب عليهم من النظر واتباع الحق.

  {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ ٣}

  {كَمْ أَهْلَكْنا} وعيد لذوي العزة والشقاق {فَنادَوْا} فدعوا واستغاثوا، وعن الحسن. فنادوا بالتوبة {وَلاتَ} هي لا المشبهة بليس، زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على رب، وثم للتوكيد، وتغير بذلك حكمها حيث لم تدخل إلا على الأحيان ولم يبرز إلا أحد مقتضيها: إمّا الاسم وإما الخبر، وامتنع بروزهما جميعا، وهذا مذهب الخليل وسيبويه. وعند الأخفش: أنها لا النافية للجنس زيدت عليها التاء، وخصت بنفي الأحيان. و {حِينَ مَناصٍ} منصوب بها، كأنك قلت: ولا حين مناص لهم. وعنه: أنّ ما ينتصب بعده بفعل مضمر، أى: ولا أرى حين مناص، ويرتفع بالابتداء: أى ولا حين مناص كائن لهم، وعندهما أنّ النصب على: ولات الحين حين مناص أى وليس حين مناص، والرفع على ولات حين مناص حاصلا لهم. وقرئ: حين مناص، بالكسر، ومثله قول أبى زبيد الطائي:

  طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن لات حين بقاء

  فإن قلت: ما وجه الكسر في أوان؟ قلت: شبه بإذ في قوله: وأنت إذ صحيح، في أنه زمان قطع منه المضاف إليه وعوض التنوين: لأنّ الأصل: ولات أوان صلح. فإن قلت: فما تقول في حين مناص والمضاف إليه قائم؟ قلت: نزل قطع المضاف إليه من مناص، لأنّ