سورة المؤمن
  {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ٨٤ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ ٨٥}
  البأس: شدّة العذاب. ومنه قوله تعالى {بِعَذابٍ بَئِيسٍ}. فإن قلت: أى فرق بين قوله تعالى {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ} وبينه لو قيل: فلم ينفعهم إيمانهم؟ قلت: هو من كان في نحو قوله {ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} والمعنى: فلم يصح ولم يستقم أن ينفعهم إيمانهم. فإن قلت: كيف ترادفت هذه الفاءات؟ قلت: أما قوله تعالى {فَما أَغْنى عَنْهُمْ} فهو نتيجة قوله {كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ} وأما قوله {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} فجار مجرى البيان والتفسير، لقوله تعالى {فَما أَغْنى عَنْهُمْ} كقولك: رزق زيد المال فمنع المعروف فلم يحسن إلى الفقراء. وقوله {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا} تابع لقوله {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ} كأنه قال: فكفروا فلما رأوا بأسنا آمنوا، وكذلك: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ} تابع لإيمانهم لما رأوا بأس الله {سُنَّتَ اللهِ} بمنزلة {وَعَدَ اللهُ} وما أشبهه من المصادر المؤكدة. و {هُنالِكَ} مكان مستعار للزمان، أى: وخسروا وقت رؤية البأس، وكذلك قوله {وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ} بعد قوله {فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِ} أى: وخسروا وقت مجيء أمر الله، أو وقت القضاء بالحق.
  عن رسول الله ÷: «من قرأ سورة المؤمن لم يبق روح نبى ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا صلى عليه واستغفر له»