الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة [فصلت، وتسمى] السجدة

صفحة 197 - الجزء 4

  أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} ما تقدّم من أعمالهم وما هم عازمون عليها. أو بين أيديهم من أمر الدنيا واتباع الشهوات، وما خلفهم: من أمر العاقبة، وأن لا بعث ولا حساب {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} يعنى كلمة العذاب {فِي أُمَمٍ} في جملة أمم. ومثل في هذه ما في قوله:

  إن تك عن أحسن الصّنيعة مأ ... فوكا ففي آخرين قد أفكوا

  يريد: فأنت في جملة آخرين، وأنت في عداد آخرين لست في ذلك بأوحد. فإن قلت: {فِي أُمَمٍ} ما محله؟ قلت: محله النصب على الحال من الضمير في عليهم القول كائنين في جملة أمم {إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ} تعليل لاستحقاقهم العذاب. والضمير لهم وللأمم.

  {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ٢٦ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ٢٧ ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ ٢٨}

  قرئ: والغوا فيه، بفتح الغين وضمها. يقال: لغى يلغى، ولغا يلغو. واللغو: الساقط من الكلام الذي لا طائل تحته. قال: من اللغا ورفث التكلم. والمعنى: لا تسمعوا له إذا قرئ، وتشاغلوا عند قراءته برفع الأصوات بالخرافات والهذيان والزمل وما أشبه ذلك، حتى تخلطوا على القارئ وتشوّشوا عليه وتغلبوه على قراءته. كانت قريش يوصى بذلك بعضهم