الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الزخرف

صفحة 250 - الجزء 4

  من فضة وزخرف، وجعلنا لهم زخرفا، أى: زينة من كل شيء. والزخرف: الزينة والذهب. ويجوز أن يكون الأصل: سقفا من فضة وزخرف، يعنى: بعضها من فضة وبعضها من ذهب، فنصب عطفا على محل {مِنْ فِضَّةٍ} وفي معناه قول رسول الله ÷: «لو وزنت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء» فإن قلت: فحين لم يوسع على الكافرين للفتنة التي كان يؤدّى إليها التوسعة عليهم من إطباق الناس على الكفر لحبهم الدنيا وتهالكهم عليها، فهلا وسع على المسلمين ليطبق الناس على الإسلام؟ قلت: التوسعة عليهم مفسدة أيضا لما تؤدى إليه من الدخول في الإسلام لأجل الدنيا، والدخول في الدين لأجل الدنيا من دين المنافقين، فكانت الحكمة فيما دبر: حيث جعل في الفريقين أغنياء وفقراء، وغلب الفقر على الغنى.

  {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ٣٦ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ٣٧ حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ٣٨ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ٣٩}

  قرئ: ومن يعش، بضم الشين وفتحها. والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل: عشى. وإذا نظر نظر العشى ولا آفة به قيل عشا. ونظيره: عرج، لمن به الآفة.