الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 287 - الجزء 4

  يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملا يتسلق به على الطعن والغميزة: افترصه واتخذ آيات الله هزوا، وذلك نحو افتراص ابن الزبعرى قوله ø {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} ومغالطته رسول الله ÷، وقوله: خصمتك. ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء، لأنه في معنى الآية كقول أبى العتاهية:

  نفسي بشيء من الدنيا معلّقة ... الله والقائم المهدي يكفيها

  حيث أراد عتبة. وقرئ: علم {أُولئِكَ} إشارة إلى كل أفاك أثيم، لشموله الأفاكين. والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام. قال:

  أليس ورائي أن تراخت منيّتى ... أدب مع الولدان أزحف كالنّسر

  ومنه قوله ø {مِنْ وَرائِهِمْ} أى من قدّامهم {ما كَسَبُوا} من الأموال في رحلهم ومتاجرهم {وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ} من الأوثان.

  {هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ١١}

  {هذا} إشارة إلى القرآن، يدل عليه قوله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ} لأنّ آيات ربهم هي القرآن، أى هذا القرآن كامل في الهداية، كما تقول: زيد رجل، تريد كامل في الرجولية. وأيما رجل. والرجز: أشد العذاب. وقرئ بجر أليم ورفعه.