الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الجاثية

صفحة 292 - الجزء 4

  على سبيل التهكم. أو لأنه في حسبانهم وتقديرهم حجة. أو لأنه في أسلوب قوله:

  تحيّة بينهم ضرب وجيع

  كأنه قيل: ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة. والمراد: نفى أن تكون لهم حجة البتة. فإن قلت: كيف وقع قوله {قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ} جوابا لقولهم {ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}؟ قلت: لما أنكروا البعث وكذبوا الرسل، وحسبوا أنّ ما قالوه قول مبكت. ألزموا ما هو مقرّون به: من أنّ الله ø هو الذي يحييهم ثم يميتهم، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به إن أنصفوا وأصغوا إلى داعى الحق، وهو جمعهم إلى يوم القيامة، ومن كان قادرا على ذلك كان قادرا على الإتيان بآبائهم، وكان أهون شيء عليه.

  {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ٢٧ وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٨ هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٩ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ٣٠ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ ٣١}

  عامل النصب في {يَوْمَ تَقُومُ} يخسر، و {يَوْمَئِذٍ} بدل من {يَوْمَ تَقُومُ جاثِيَةً} باركة مستوفزة على الركب. وقرئ: جاذية. والجذوّ: أشد استيفازا من الجثوّ، لأن الجاذى هو الذي يجلس على أطراف أصابعه: وعن ابن عباس ®: جاثية مجتمعة. وعن قتادة: جماعات من الجثوة، وهي الجماعة، وجمعها: جثى. وفي الحديث «من جثى جهنم» وقرئ