سورة الأحقاف
  على رسول الله ÷، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لي رسول الله ÷: هل رأيت شيئا؟ قلت: نعم رجالا سودا مستثفري ثياب بيض، فقال: أولئك جنّ نصيبين» وكانوا اثنى عشر ألفا، والسورة التي قرأها عليهم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. فإن قلت: كيف قالوا {مِنْ بَعْدِ مُوسى}؟ قلت: عن عطاء رضى الله عنه: أنهم كانوا على اليهودية. وعن ابن عباس ®: إنّ الجنّ لم تكن سمعت بأمر عيسى #، فلذلك قالت: من بعد موسى. فإن قلت: لم بعّض في قوله {مِنْ ذُنُوبِكُمْ}؟ قلت: لأن من الذنوب ما لا يغفر بالإيمان كذنوب المظالم ونحوها. ونحوه قوله ø {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}. فإن قلت: هل للجنّ ثواب كما للإنس؟ قلت: اختلف فيه فقيل: لا ثواب لهم إلا النجاة من النار، لقوله تعالى {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ} وإليه كان يذهب أبو حنيفة |. والصحيح أنهم في حكم بنى آدم، لأنهم مكلفون مثلهم {فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} أى: لا ينجى منه مهرب، ولا يسبق قضاءه سابق. ونحوه قوله تعالى {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً}.