الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الفتح

صفحة 340 - الجزء 4

  على رأسه وبيدي غصن من الشجرة أذب عنه، فرفعت الغصن عن ظهره فبايعوه على الموت دونه، وعلى أن لا يفروا، فقال لهم رسول الله ÷: «أنتم اليوم خير أهل الأرض» وكان عدد المبايعين ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين وقيل: ألفا وأربعمائة: وقيل: ألفا وثلاثمائة {فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ} من الإخلاص وصدق الضمائر فيما بايعوا عليه {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ} أى: الطمأنينة والأمن بسبب الصلح على قلوبهم {وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} وقرئ: وآتاهم، وهو فتح خيبر غب انصرافهم من مكة. وعن الحسن: فتح هجر، وهو أجلّ فتح: اتسعوا بثمرها زمانا {مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها} هي مغانم خيبر، وكانت أرضا ذات عقار وأموال، فقسمها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عليهم، ثم أتاه عثمان بالصلح فصالحهم وانصرف بعد أن نحر بالحديبية وحلق.

  {وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً ٢٠}

  {وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً} وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ} المغانم يعنى مغانم خيبر {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} يعنى أيدى أهل خيبر وحلفاؤهم من أسد وغطفان حين جاءوا لنصرتهم، فقذف الله في قلوبهم الرعب فنكصوا. وقيل: أيدى أهل مكة بالصلح {وَلِتَكُونَ} هذه الكفة {آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} وعبرة يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان،