سورة ق
  الوتر بعد العشاء. والأدبار: جمع دبر. وقرئ: وأدبار، من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت. ومعناه: ووقت انقضاء السجود، كقولهم: آتيك خفوق النجم {وَاسْتَمِعْ} يعنى واستمع لما أخبرك به من حال يوم القيامة. وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به والمحدّث عنه، كما يروى عن النبي ÷ أنه قال سبعة أيام لمعاذ بن جبل: «يا معاذ اسمع ما أقول لك»، ثم حدّثه بعد ذلك. فإن قلت: بم انتصب اليوم؟ قلت: بما دل عليه {ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} أى: يوم ينادى المنادى يخرجون من القبور. ويوم يسمعون: بدل من {يَوْمَ يُنادِ} و {الْمُنادِ} إسرافيل ينفخ في الصور وينادى: أيتها العظام البالية والأوصال المنقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرّقة إنّ الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. وقيل: إسرافيل ينفخ وجبريل ينادى بالحشر {مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ} من صخرة بيت المقدس، وهي أقرب الأرض من السماء باثنى عشر ميلا، وهي وسط الأرض. وقيل: من تحت أقدامهم. وقيل: من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة: أيتها العظام البالية - و {الصَّيْحَةَ} النفخة الثانية {بِالْحَقِ} متعلق بالصيحة، والمراد به البعث والحشر للجزاء.
  {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ ٤٤}
  وقرئ: تشقق، وتشقق بإدغام التاء في الشين، وتشقق على البناء للمفعول، وتنشق {سِراعاً} حال من المجرور {عَلَيْنا يَسِيرٌ} تقديم الظرف يدل على الاختصاص، يعنى: لا يتيسر مثل ذلك الأمر العظيم إلا على القادر الذات الذي لا يشغله شأن عن شأن، كما قال تعالى {ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ}.
  {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ٤٥}
  {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ} تهديد لهم وتسلية لرسول الله ÷ {بِجَبَّارٍ} كقوله تعالى {بِمُصَيْطِرٍ} حتى تقسرهم على الإيمان، إنما أنت داع وباعث. وقيل: أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم. ويجوز أن يكون من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه، أى: ما أنت