سورة الذاريات
  وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ٢٨ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ٢٩ قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ٣٠}
  {هَلْ أَتاكَ} تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من علم رسول الله ÷، وإنما عرفه بالوحي. والضيف للواحد والجماعة كالزور والصوم، لأنه في الأصل مصدر ضافه، وكانوا اثنى عشر ملكا. وقيل: تسعة عاشرهم جبريل. وقيل ثلاثة: جبريل، وميكائيل، وملك معهما. وجعلهم ضيفا، لأنهم كانوا في صورة الضيف: حيث أضافهم إبراهيم. أو لأنهم كانوا في حسبانه كذلك. وإكرامهم: أنّ إبراهيم خدمهم بنفسه، وأخدمهم امرأته، وعجل لهم القرى أو أنهم في أنفسهم مكرمون. قال الله تعالى {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ}. {إِذْ دَخَلُوا} نصب بالمكرمين إذا فسر بإكرام إبراهيم لهم، وإلا فبما في ضيف من معنى الفعل. أو بإضمار اذكر {سَلاماً} مصدر سادّ مسدّ الفعل مستغنى به عنه. وأصله: نسلم عليكم سلام، وأمّا {سَلامٌ} فمعدول به إلى الرفع على الابتداء. وخبره محذوف، معناه: عليكم سلام، للدلالة على ثبات السلام، كأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به، أخذا بأدب الله تعالى. وهذا أيضا من إكرامه لهم. وقرئا مرفوعين. وقرئ: سلاما قال سلما. والسلم: السلام. وقرئ: سلاما قال سلم {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} أنكرهم للسلام الذي هو علم الإسلام. أو أراد: أنهم ليسوا من معارفه أو من جنس الناس الذين عهدهم، كما لو أبصر العرب قوما من الخزر أو رأى لهم حالا وشكلا خلاف حال الناس وشكلهم، أو كان هذا سؤالا لهم، كأنه قال: أنتم قوم منكرون، فعرفوني من أنتم {فَراغَ إِلى أَهْلِهِ} فذهب إليهم في خفية من ضيوفه، ومن أدب المضيف أن يخفى أمره، وأن يباده بالقرى من غير أن يشعر به الضيف، حذرا من أن يكفه ويعذره. قال قتادة: كان عامة مال نبى الله إبراهيم: البقر {فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}. والهمزة في {أَلا تَأْكُلُونَ} للإنكار: أنكر عليهم ترك الأكل. أو حثهم عليه {فَأَوْجَسَ} فأضمر. وإنما خافهم لأنهم لم يتحرّموا بطعامه