الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الجمعة

صفحة 535 - الجزء 4

  العدو، والسعى: التصرف في كل عمل. ومنه قوله تعالى {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ}، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى} وعن الحسن: ليس السعى على الأقدام، ولكنه على النيات والقلوب. وذكر محمد بن الحسن | في موطنه: أن عمر سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي. قال محمد: وهذا لا بأس به ما لم يجهد نفسه {إِلى ذِكْرِ اللهِ} إلى الخطبة والصلاة، ولتسمية الله الخطبة ذكرا له قال أبو حنيفة |: إن اقتصر الخطيب على مقدار يسمى ذكرا لله كقوله: الحمد لله، سبحان الله: جاز. وعن عثمان أنه صعد المنبر فقال: الحمد لله وأرتج عليه، فقال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدّان لهذا المقام مقالا، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوّال، وستأتيكم الخطب، ثم نزل، وكان ذلك بحضرة الصحابة ولم ينكر عليه أحد. وعند صاحبيه والشافعي: لا بد من كلام يسمى خطبة. فإن قلت: كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها ذكر غير الله؟ قلت: ما كان من ذكر رسول الله ÷ والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير فهو في حكم ذكر الله، فأمّا ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم، وهم أحقاء بعكس ذلك، فمن ذكر الشيطان وهو من ذكر الله على مراحل، وإذا قال المنصت للخطبة لصاحبه «صه» فقد لغا، أفلا يكون الخطيب الغالي في ذلك لا غيا، نعوذ بالله من غربة الإسلام ونكد الأيام. أراد الأمر بترك ما يذهل عن ذكر الله من شواغل الدنيا، وإنما خص البيع من بينها لأن يوم