سورة الملك
  الإنذار سماع طالبين للحق. أو نعقله عقل متأمّلين. وقيل: إنما جمع بين السمع والعقل، لأنّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل. ومن بدع التفاسير: أنّ المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأى، كأنّ هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين، وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم، وكأن من كان من هؤلاء فهو من من الناجين لا محالة، وعدّة المبشرين من الصحابة: عشرة، لم يضم إليهم حادي عشر، وكأن من يجوز على الصراط أكثرهم لم يسمعوا باسم هذين الفريقين {بِذَنْبِهِمْ} بكفرهم في تكذيبهم الرسل {فَسُحْقاً} قرئ بالتخفيف والتثقيل، أى: فبعدا لهم، اعترفوا أو جحدوا، فإنّ ذلك لا ينفعهم.
  {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ١٣ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٤}
  ظاهره الأمر بأحد الأمرين: الإسرار والإجهار. ومعناه: ليستو عندكم إسراركم وإجهاركم في علم الله بهما، ثم أنه علله ب {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} أى بضمائرها قبل أن تترجم الألسنة عنها، فكيف لا يعلم ما تكلم به. ثم أنكر أن لا يحيط علما بالمضمر والمسر والمجهر {مَنْ خَلَقَ} الأشياء، وحاله أنه اللطيف الخبير، المتوصل علمه إلى ما ظهر من خلقه