الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الجن

صفحة 626 - الجزء 4

  وقال أوس بن حجر:

  وانقضّ كالدّرّي يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا

  وقال عوف بن الخرع:

  يردّ علينا العير من دون إلفه ... أو الثّور كالدّرّىّ يتبعه الدّم

  ولكن الشياطين كانت تسترق في بعض الأحوال، فلما بعث رسول الله ÷: كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة؛ حتى تنبه لها الإنس والجن، ومنع الاستراق أصلا. وعن معمر: قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قوله تعالى {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ} فقال: غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي ÷. وروى الزهري عن على بن الحسين عن ابن عباس ®: بينا رسول الله ÷ جالس في نفر من الأنصار إذ رمى بنجم فاستنار، فقال: ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية؟ فقالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم. وفي قوله {مُلِئَتْ} دليل على أن الحادث هو المل والكثرة، وكذلك قوله {نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ} أى كنا نجد فيها بعض المقاعد خالية من الحرس والشهب، والآن ملئت المقاعد كلها، وهذا ذكر ما حملهم على الضرب في البلاد حتى عثروا على رسول الله ÷ واستمعوا قراءته.