الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة عم يتساءلون

صفحة 687 - الجزء 4

  ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ}. {أَلْفافاً} ملتفة ولا واحد له، كالأوزاع والأخياف. وقيل: الواحد لف. وقال صاحب الإقليد: أنشدنى الحسن بن على الطوسي:

  جنّة لفّ وعيش مغدق ... وندامى كلّهم بيض زهر

  وزعم ابن قتيبة أنه لفاء ولف، ثم ألفاف: وما أظنه واجدا له نظيرا من نحو خضر وأخضار وحمر وأحمار، ولو قيل: هو جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد، لكان قولا وجيها.

  {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً ١٧ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً ١٨ وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً ١٩ وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً ٢٠}

  {كانَ مِيقاتاً} كان في تقدير الله وحكمه حدّا توقت به الدنيا وتنتهي عنده، أو حدا للخلائق ينتهون إليه {يَوْمَ يُنْفَخُ} بدل من يوم الفصل، أو عطف بيان {فَتَأْتُونَ أَفْواجاً} من القبور إلى الموقف أمما كل أمّة مع إمامهم. وقيل: جماعات مختلفة. وعن معاذ ¥ أنه سأل عنه رسول الله ÷ فقال: يا معاذ، سألت عن أمر عظيم من الأمور، ثم أرسل عينيه وقال: تحشر عشرة أصناف من أمّتى: بعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسون: أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عميا، وبعضهم صما بكما، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم: يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس. وأما الذين على صورة الخنازير: فأهل السحت. وأما المنكسون على وجوههم فأكلة الربا، وأما العمى فالذين يجورون في الحكم، وأما الصمّ البكم فالمعجبون بأعمالهم، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم