الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة المطففين

صفحة 724 - الجزء 4

  من عمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين ويستهزؤن بهم. وقيل: جاء على ابن أبى طالب ¥ في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الأصلع فضحكوا منه، فنزلت قبل أن يصل علىّ إلى رسول الله ÷ {يَتَغامَزُونَ} يغمز بعضهم بعضا، ويشيرون بأعينهم {فَكِهِينَ} ملتذين بذكرهم والسخرية منهم، أى: ينسبون المسلمين إلى الضلال {وَما أُرْسِلُوا} على المسلمين {حافِظِينَ} موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم، ويهيمنون على أعمالهم، ويشهدون برشدهم وضلالهم، وهداتهكم بهم. أو هو من جملة قول الكفار، وإنهم إذا رأوا المسلمين قالوا: إنّ هؤلاء لضالون، وإنهم لم يرسلوا عليهم حافظين إنكارا لصدّهم إياهم عن الشرك، ودعائهم إلى الإسلام، وجدّهم في ذلك.

  {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ٣٤ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ٣٥ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ ٣٦}

  {عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ} حال من {يَضْحَكُونَ} أى: يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والصغار بعد العزة والكبر. ومن ألوان العذاب بعد النعيم والترفه: وهم على الأرائك آمنون. وقيل: يفتح للكفار باب إلى الجنة فيقال لهم: اخرجوا إليها، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم، يفعل ذلك بهم مرارا، فيضحك المؤمنون منهم. ثوّبه وأثابه: بمعنى، إذا جازاه. قال أوس:

  سأجزيك أو يجزيك عنّى مثوّب ... وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي

  وقرئ بإدغام اللام في التاء.

  عن رسول الله ÷: «من قرأ سورة المطففين سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة».